فصل: كتاب السير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


كتاب السرقة

‏(‏قوله وخرج باشتراط النصاب إلخ‏)‏ قال في النهر آخر الفصل الآتي ولو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا إن تخلل بينهما اطلاع المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب فالإخراج الثاني سرقة أخرى كذا في السراج‏.‏ ا هـ‏.‏ أي فلا يجب القطع إن لم يكن كل واحد نصابا ومقتضاه أنه إذا لم يتخلل ذلك قطع، وقد رأيته في الجوهرة صرح به فيتقيد ما ذكره المؤلف به‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي القنية لو سرق المدفون إلخ‏)‏ ذكر المقدسي عند مسألة النباش أن ما في القنية ضعيف

‏(‏قوله‏:‏ وعليه ذكر في التجنيس إلخ‏)‏ أي على ما ذكر من ثبوت دلالة القصد لكن ظاهر عبارة التجنيس أنه لا يقطع، وإن علم ما في الثوب وفي الفتح عن المبسوط سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرورة عليه عشرة قال يقطع إذا علم أن عليه مالا بخلاف ما إذا لم يعلم‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال في الفتح فالحاصل أنه يعتبر ظهور قصد المسروق، فإن كان الظاهر قصد النصاب من المال قطع وإلا لا وعلى هذه فمسألة العلم بالمصرور وعدمه صحيحة إلا أن كونه يعلم أو لا يعلم وهو المراد في نفس الأمر لا يطلع عليه ولا يثبت إلا بالإقرار وما تقدم هو ما إذا لم يقر بعلمه بما في الثوب، فإنه لا يقطع حتى يكون معه دلالة القصد إليه وذلك بأن يكون كيسا فيه الدراهم فلا يقبل قوله لم أقصد لم أعلم‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو توفيق حسن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وباب الرجوع إلخ‏)‏ جواب عما قد يقال فائدته رفع احتمال كونه يرجع عنه

‏(‏قوله‏:‏ لأنه على الاستقبال‏)‏ والأول على الحال قال في النهر كذا في الفتح والظاهر أن يقال‏:‏ إن مع التنوين يحتمل الحال والاستقبال فلا يقطع بالشك لكن بقي أن هذا الاحتمال ثابت مع الإضافة أيضا فكان ينبغي أن لا يقطع أيضا فتدبره‏.‏ ا هـ‏.‏ هذا وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة قلت‏:‏ والقطع المذكور بإحرازه وعدم رجوعه أما لو رجع قبل رجوعه كما تقدم وينبغي أن لا يجري في هذا الإطلاق؛ لأن العوام لا يفرقون فيفرق بين العالم والجاهل اللهم إلا أن يقال يجعل هذا شبهة في درء الحد وفيه بعد والله تعالى أعلم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه أقر بسرقة مائتين ورجع عنها‏)‏ قال الرملي يعني فوجب ضمانهما بالإقرار ولا يجتمع قطع وضمان ورجوعه عن المائة صح في حق القطع ولم يصح في حق الضمان، والمسروق منه يدعي المائتين المقر بهما أولا ولا يدعي المائة التي أضرب عنها بانفرادها فقط تأمل

‏(‏قوله‏:‏ فانتفى الضمان ولم يجب القطع‏)‏ كذا في عامة النسخ وفي نسخة فلا ينتفي وهو الموافق لما في الفتح حيث قال فلا يجب الضمان

‏(‏قوله‏:‏ وحد التقادم في السرقة هو حده في الزنا‏)‏ قال الرملي وتقدم أن الفتوى على أنه مقدر بشهر وتقدم أنه إذا كان لعذر تقبل

‏(‏قوله‏:‏ ومن المتأخرين من أفتى بصحته‏)‏ ظاهر إطلاقه صحته في حق المال والقطع وفيه نظر، فإن في ذلك شبهة قوية فكيف يقطع معها والظاهر أنه خاص في حق تضمينه المال فقط لما مر أنه لا يقطع بالنكول وأنه لو أقر ثم هرب لا يتبع

‏(‏قوله‏:‏ وفي فتح القدير ولا يسأل المقر عن المكان‏)‏ ذكر في النهر أن ذلك وقع في بعض النسخ قال وكأنه تحريف والصواب أنه يسأل

‏(‏قوله‏:‏ واعلم أنه لا بد من حضور الشاهدين إلخ‏)‏ قال الرملي وفي شرح منظومة ابن وهبان لابن الشحنة ولا يشترط حضور الشهود للقطع على الصحيح الأخير من قول الإمام وكذا عندهما وكذلك بعد موت الشهود ففي المسألة قولان قياس واستحسان والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا في كل الحدود سوى الرجم‏)‏ قال في الشرنبلالية بعد أن ذكر أن ذلك وقع في النهر أيضا وأن المؤلف وأخاه تبعا صاحب الفتح قلت استثناء الرجم مخالف لما تقدم لهم في حد الزنا بالرجم أنه إذا غاب الشهود أو ماتوا سقط الحد فلا يتجه إلا استثناء الجلد فيقام حد الغيبة والموت بخلاف الرجم لاشتراط بداءة الشهود به وهذه عبارة الحاكم في الكافي، وإذا كان أي المسروق منه حاضرا والشاهدان غائبان لم يقطع أيضا حتى يحضروا وقال أبو حنيفة بعد ذلك يقطع وهو قول صاحبيه وكذلك الموت وكذلك هذا في كل حد وحق سوى الرجم ويمضي القصاص، وإن لم يحضروا استحسانا؛ لأنه من حقوق الناس ا هـ‏.‏ فهذا تصريح الحاكم‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ قلت وكان المؤلف رحمه الله تعالى استشعر بذلك فقال بعدما نقله عن الكافي، وإن شرط بداءة الشهود بالرجم ومراده بذلك دفع المنافاة بين ما ذكره في الكافي وبين ما مر في الحدود بأن المراد بما مر حضورهم في ابتدائه وبداءتهم وما هنا حضورهم إلى تمامه، فإنه لا يشترط أما في القطع فلا يتأتى هذا التفصيل لكن بعد هذا بقيت المنافاة في حالة الغيبة والموت، فإن ما هنا ظاهره أنه يرجم مع أنه ليس كذلك على أنك قد علمت من عبارة الحاكم المنقولة آنفا أن استثناء الرجم من القطع الذي هو القول الأخير للإمام لا من عدم القطع وذلك لا غبار عليه وأظن أنه في نسخة الكافي التي نقل عنها صاحب الفتح وتبعه المؤلف وأخوه سقطا فسقط منها القول الثاني فلذا اقتصروا على القول الأول مع أنك علمت عن شرح الوهبانية تصحيح القول الثاني المرجوع إليه‏.‏

قوله‏)‏‏:‏ وفيه نظر لما نقله الناطفي إلخ‏)‏ قال المقدسي يحمل ما في التبيين على ما لم يصر خمرا أو أن تلك رواية‏.‏

قول المصنف وصليب ذهب‏)‏ ظاهر إطلاقه أنه لا فرق في السارق بين كونه مسلما أو نصرانيا وفي الذخيرة لا يقطع الذمي في الخمر عند أبي يوسف وكذلك في الصليب إذا كان في مصلى لهم، وإن كان في بيت قطع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت وهذا وجهه ظاهر؛ لأن الذمي لا يأخذه للكسر بل لذاته لكن إذا أخذه من مصلاهم لا يقطع لكونه في حكم المسجد يؤذن في دخوله بخلاف أخذه من بيت‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وما إذا سرق من القبر ثوبا غير الكفن‏)‏ قال في النهر في شمول الإطلاق لهذا نظر ظاهر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما مال الوقف إلخ‏)‏ قال المقدسي في شرحه صرحوا بأن متولي الوقف يقطع بطلبه ذكره في التبيين والفتح ونحوهما، وطلبه إنما هو في الوقف‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال الرملي صرح ابن مالك في شرح المجمع من بحث الخاص بأنه لو سرق مال الوقف من المتولي يجب القطع وسيأتي في شرح قوله ولو مودعا والأصل فيه أن كل من كان له يد صحيحة يملك الخصومة إلى أن قال فللمالك أن يخاصم السارق ثم قال‏:‏ ومتولي المسجد ثم قال فتعتبر خصومتهم في ثبوت ولاية الاسترداد وفي حق القطع فهو صريح فيه ويلوح الفرق بين نحو حصر المسجد وغيرها فتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ونحوه في حواشي أبي السعود عن شيخه ولعل الفرق هو أن الوقف باق على ملك الواقف حكما عند الإمام كما يأتي في محله لكن هذا يظهر في رقبة الوقف أما غلته فلا وعلى هذا فعدم القطع في حصر المسجد لعدم المالك لكونها من غلة الوقف بخلاف رقبة الوقف كما لو وقف على أولاده مثلا ما جرى به التعامل من المنقولات، وقد صرحوا بأن غلة الوقف ملك المستحقين وأنها أمانة تحت يد الناظر فعلى هذا يكون للمتولي يد صحيحة عليها فله القطع بها لكن ينبغي عدم القطع فيما لو كان وقفا على العامة كالوقف على الفقراء، فإنه مثل بيت المال إذا كان السارق فقيرا وأما وقف المسجد فالظاهر أنه ليس كذلك؛ لأنه ليس لأحد تناول شيء من غلته؛ لأنها تصرف في منافع المسجد إلا أن يكون له وظيفة في المسجد

‏(‏قوله‏:‏ وفيه أن ابن أبي ليلى‏)‏ أي وفي المجتبى‏.‏

قوله فلو كان ثقيلا إلخ‏)‏ قال في الفتح ونظر فيه بأن ثقله لا ينافي في ماليته ولا ينقصها، وإنما ثقل فيه رغبة الواحد لا الجماعة ولو صح هذا امتنع القطع في فردة حمل من قماش ونحوه وهو منتف ولذا أطلق الحاكم في الكافي القطع‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب بعضهم بأنه إنما يرد لو لم يقل في الهداية؛ لأن الثقيل منه فمع التقييد بقوله منه لا يرد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه نظر ظاهر‏.‏

فصل في الحرز

‏(‏قوله‏:‏ ثم الإخراج من الحرز شرط إلخ‏)‏ حاصل كلامه على ما يفهم من الفتح أن الإجماع منعقد على اعتبار الحرز وأن من نقل عنه خلاف ذلك لم يثبت عنه، والآية وإن كانت قطعية لكن ثبت تخصيصها بمقدار النصاب فجاز تخصيصها بعد ذلك بما هو من الأمور الإجماعية وأخبار الآحاد ونحوها فقوله بناء قيد لنقل ابن المنذر الإجماع وقوله بعض ما خصص متعلق بقوله تخصيصا وقوله به بالإجماع متعلقان بتخصيص أيضا لكن الباء في بالإجماع للسبية

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا سرق من قريبه المحرم إلخ‏)‏ قال البرجندي الظاهر أنه لا دخل للقرابة، وإنما المعتبر الحرز ففي كل موضع كان له أن يدخل فيه بلا مانع ولا حشمة لا يقطع سواء كان بينهما قرابة أو لا ولهذا لا يقطع لو سرق من بيت ذي الرحم المحرم متاع غيره قال الحموي وفيه نظر، فإن الصديقين يدخل أحدهما بيت الآخر بلا مانع ولا حشمة مع أنه يقطع إذا سرق من بيت صديقه فظهر أن للقرابة يعني المؤبدة بالمحرمية مدخلا ويدل على ذلك تعليلهم المسألة بأن القطع يفضي إلى قطيعة الرحم وأقول‏:‏ هذا لا يرد على البرجندي؛ لأن الصديق، وإن كان يدخل محل صديقه بلا مانع ولا حشمة لكن لزمه القطع للسرقة من بيت لم يؤذن له في دخوله حتى لو سرق من المحل الذي جرت عادته بدخوله لم يقطع كذا في حاشية أبي السعود

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال ليس القطع حقه إلخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن هذا مشترك الإلزام إذ يجوز أن يقال بالقطع فيما إذا سرق من بيت ذي الرحم المحرم ولا يلزم القطيعة؛ لأنه حق الله تعالى‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يقال إنه، وإن لم يلزم ذلك هناك لكن عدم الحرز مانع من القطع ولو كان غير محرم فتدبر‏.‏

‏(‏قوله وبه اندفع ما في التبيين إلخ‏)‏ سبقه إلى هذا العيني وتبعه في النهر وغيره وهذا غفلة منهم عن عبارة الزيلعي، فإن نسخة الكنز التي شرح عليها بلفظ ذي رحم محرم منه ومثلها عبارة الهداية فقوله منه قيد للمحرم وضميره لرحم أي محرم من الرحم فخرج به ابن العم الذي هو أخ من الرضاع؛ لأنه محرم من الرضاع لا من الرحم فقوله بلا رضاع لم يفد شيئا فافهم

‏(‏قوله‏:‏ والمحرمية بالمصاهرة كالمحرمية بالرضاع‏)‏ انظر ما معنى هذا الكلام هنا، فإن المحرم بالرضاع يقطع كما تقدم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو سرق من رجل ثوبا عليه إلى قوله لم يقطع‏)‏ أي لأنه اختلاس كما في الزيلعي وجزم بأنه لو سرق من رجل قلادة عليه وهو لابسها أو ملاءة له وهو لابسها أو واضعها قريبا منه يقطع فتأمل‏.‏

قوله‏:‏ فيها مقاصير‏)‏ قال في معراج الدراية المقصورة الحجرة بلسان أهل الكوفة

‏(‏قوله‏:‏ ثم ألقاه في الطريق إلخ‏)‏ قال في الجوهرة هذا إذا رمى به في الطريق بحيث يراه وإلا فلا قطع عليه، وإن خرج وأخذه؛ لأنه صار مستهلكا قبل خروجه بدليل وجوب الضمان عليه، فإذا وجب عليه الضمان باستهلاكه قبل خروجه لم يجب عليه قطع كما لو ذبح الشاة في الحرز وليس كذلك إذا رمى به بحيث يراه؛ لأنه باق في يده، فإذا خرج وأخذه صار كأنه خرج وهو معه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقيل يقطع وهو الأصح‏)‏ قال في النهر يشكل عليه ما مر من مسألة الطائر ولذا والله تعالى أعلم جزم الحدادي بأنه لا قطع ولم يحك غيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يدفع الإشكال بأن الطائر طار باختياره فلم يضف الفعل إلى السارق؛ لأنه عرض على فعله فعل مختار؛ لأن للدابة اختيارا كما مر ونظيره ما قالوه في الغصب لو حل قيد عبد غيره أو رباط دابته أو فتح باب إصطبلها أو قفص طائره فذهبت لا يضمن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فتبدد ما فيه من الدراهم فأخذه‏)‏ أي أخذه من الأرض مثلا ولم يدخل يده فيه أما إن أدخل يده فأخذ يقطع لوجود الهتك كما صرح به الزيلعي وعليه يحمل ما يأتي من قوله لو شق الجولق على الجمل وهو يسير وأخذ ما فيه، فإنه يقطع‏.‏

فصل في كيفية القطع وإثباته

‏(‏قوله‏:‏ للإمام أن يقتله سياسة‏)‏ أي إن سرق بعد القطع مرتين لا ابتداء كذا ذكره بعضهم وكلامه في النهر يفيد أن جواز قتله سياسة محمول على ما إذا سرق في الخامسة حيث قال في الجواب عن الحديث السابق وبتقدير ثبوته فهو محمول على السياسة بدليل أنه قال في الخامسة، «فإن عاد فاقتلوه» فسياق كلامه يفيد أن قتله سياسة قبل الخامسة لا يجوز لكن رأيت بخط الحموي عن السراجية ما نصه إذا سرق ثالثا ورابعا للإمام أن يقتله سياسة لسعيه في الأرض بالفساد‏.‏ ا هـ‏.‏ قال فما يقع من حكام زماننا من قتله أول مرة زاعمين أن ذلك سياسة جور وظلم وجهل والسياسة الشرعية عبارة عن شرع مغلظ كذا في حاشية أبي السعود على مسكين قلت لا يخفى أنهم حيث أجابوا بالحمل على السياسة لزم أن يقولوا بذلك في الثالثة والرابعة وإلا فالإيراد باق ثم رأيته في غاية البيان قال ولئن ثبت فذاك محمول على السياسة عند الشافعي أيضا فكذا يحمل القطع في الثالثة والرابعة تأمل

‏(‏قوله‏:‏ يعني لا يقطع في هذه المسائل إلخ‏)‏ أي لا تقطع يده اليمنى كما نص عليه في غاية البيان خلافا لما يوهمه كلام العيني حيث قال لا تقطع رجله اليسرى، فإنه يوهم أن اليد اليمنى تقطع في هذه المسائل مع أنه لا يقطع منه شيء أما اليد اليسرى والرجل اليمنى فلأنهما ليسا محلا للقطع عندنا وأما ما سواهما فلتفويت المنفعة إما بطشا أو مشيا كما ذكر هنا

‏(‏قوله والدية في الخطأ‏)‏ أي الخطأ في الفعل لا الاجتهاد

‏(‏قوله‏:‏ ولم يذكر المصنف أن هذا القطع وقع حدا أو لا إلخ‏)‏ في الزيلعي ما يفيد أن الخلاف في الخطأ حيث قال ثم في العمد يجب ضمان المال المسروق على السارق عند أبي حنيفة؛ لأنه لم يقع حدا وسقوط الضمان عنه في ضمن وقوعه حدا وكذا عندهما بل أولى وفي الخطأ كذلك على الطريقة التي اعتبر فيها أن القاطع لا يجب عليه الضمان؛ لأنه أتلف وأخلف ولم يقع حدا وعلى الطريقة التي اعتبر فيها أن القاطع اجتهد وأخطأ فلا يجب الضمان إذ القطع والضمان لا يجتمعان

‏(‏قوله‏:‏ فينبغي أن لا يقطع بطلب الملتقط‏)‏ فيه نظر؛ لأن عدم مخاصمة الملتقط الأول للثاني إنما هو لزوال الأول بإثبات يد مثل يده كما أشار إليه قول الخانية أن الثاني كالأول في ولاية أخذ اللقطة ولا يخفى أن هذا لا يدل على أنه لا بد للأول قبل ضياعها منه إذ لا شك أن يده يد أمانة حتى لا يتمكن أحد من أخذها منه ولو وصف أحد علامتها ولم يصدقه الملتقط لا يجبر على دفعها إليه، ولو دفعها إلى أحد له أن يستردها منه فهذا يدل على أن له يدا صحيحة فله مخاصمة من سرقها منه

‏(‏قوله‏:‏ أي من هؤلاء الثلاثة‏)‏ هذا مخالف لما قدمه عن الشمني اتفاقا من أنه لا خصومة لمعطي الربا ثم رأيت في النهر ما نصه واعلم أن ظاهر كلامه أي المصنف يفيد أنه يقطع بخصومة معطي الربا دون صاحب الربا؛ لأن المال في يده بمنزلة المغصوب كما مر قال في الفتح للمغصوب منه الخصومة إلا أن المسطور في السراج أنه لا يقطع بخصومة صاحب الربا؛ لأنه لا ملك له فيه ولا يد وتبعه الشمني ولم أر من نبه عليه فتدبره‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قد صرح في الأشباه عن القنية أن الربا لا يملك فيجب عليه رد عينه ما دام قائما حتى لو أبرأه صاحبه لا يبرأ منه؛ لأن رد عينه القائمة حق الشرع وعلى هذا فلصاحبه ملك قائم فيه وللآخر يد؛ لأنه إذا قبضه برضا صاحبه صار كالمودع لا كالغاصب فينبغي أن تثبت الخصومة لكل منهما وهو المفهوم من المتن حيث قال ولو مودعا أو غاصبا أو صاحب ربا، فإن التعبير بلو يدل على أن المالك كذلك بالأولى وصرح به المتن بعده بقوله ويقطع بطلب المالك لو سرق منهم فهذا يعارض قول السراج والشمني فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ وللأول ولاية الخصومة في الاسترداد‏)‏ هذه إحدى الروايتين والرواية ليس له وسيأتي بحث الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن بشرط القبض فيها إلخ‏)‏ أي إذا كان رد المسروق إلى المالك وإلا فهو في يده وقال في الشرنبلالية لقائل أن يقول لا يشترط القبض؛ لأن الهبة تقطع الخصومة؛ لأنه ما كان يهب ليخاصم فليتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يقال يحتمل عوده إليها والكلام فيما يمنع القطع؛ لأنه إذا لم يخاصم لا يقطع، وإن لم يهب لاشتراط حضوره عند القطع كما مر تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ اقتصر على المقر، وإن أنكر فلان‏)‏ كذا في النسخ بالواو في وإن وهو غير ظاهر بل الظاهر حذفها وعبارة منح الغفار إذا أنكر فلان‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو هلك في يد المشترى منه إلخ‏)‏ قال في التتارخانية ولو أودعه عند غيره فهلك في يد الأصل فيه أن كل موضع لو ضمنه صاحب المال كان له أن يرجع على السارق فليس له أن يضمنه وفي كل موضع لو ضمنه لا يرجع على السارق فله أن يضمنه والذي يرجع عليه المودع والمستأجر والمرتهن

‏(‏قوله‏:‏ ولو استهلكه فللمالك تضمينه‏)‏ أي لو استهلكه المشتري أو الموهوب له وفيه أن مقتضى ما قبله عدم التضمين ثم رأيت في النهر قال بعد نقله عبارة المجتبى فيحتاج إلى الفرق بين الأجنبي والمشتري وفي السراج لو استهلكها غيره بعد لقطه كان للمسروق منه أن يضمن المستهلك قيمته‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا بالقواعد أليق وعليه فلا يحتاج إلى الفرق ا هـ‏.‏ ولكن عبارة السراج ليست صريحة في التسوية بل ظاهرها ذلك وفي التتارخانية عن المنتقى قطع السارق والعين قائمة في يده، وقد غيبه ثم استهلكه رجل آخر فلا ضمان على المستهلك وفيها عن المحيط، وإن كان المشتري أو الموهوب له فللمالك أن يضمنه ثم يرجع المشتري على السارق بالثمن لا بالقيمة وفيها عن شرح الطحاوي ولو قطع ثم استهلكه غيره كان للمسروق منه أن يضمنه قيمته

‏(‏قوله‏:‏ وعلى هذا إذا كان العين كلها لواحد‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي بعضها النصب بدل العين وهي الصواب لعدم جريان القول بضمان العين مرارا على قولهما إلا أن يحمل على العين المتعددة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ونفسه لا يورث شبهة‏)‏ الضمير في نفسه يعود إلى الشق على ما يفهم من الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكلام محمد يدل عليه‏)‏ أي على أنه لو صبغه قبل القطع لم يرده تأمل لكن قال الزيلعي بعد نقله عبارة الهداية ولفظ محمد سرق الثوب إلخ دليل على أنه لا فرق بين أن يصبغه قبل القطع أو بعده‏.‏ ا هـ‏.‏ وتبعه في النهر وهو المتبادر من كلام المؤلف لكن قول محمد، وقد صبغه جملة حالية فمن أين يفيد كون الصبغ بعد القطع تأمل على أن ما عزاه إلى الهداية ليس عبارتها، فإن عبارة الهداية هكذا، فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر ثم قطع إلخ‏.‏

باب قطع الطريق

‏(‏قوله‏:‏ وأنه يكون بالإضافة‏)‏ كذا في النسخ ولعل الصواب ويكون كما يدل عليه ما بعده

‏(‏قوله‏:‏ لا كما قال الشارح إنها ترجع إلى غير مذكور‏)‏ أي لها في قوله قبله والمراد بغير المذكور أخذ المال وقتل النفس وما مشى عليه المؤلف تبع فيه العيني حيث ذكر أن ما في الشرح تعسف بل الضمير راجع إلى قطع الطريق ودفعه في النهر بأن الإخافة حال من أحوال قطاع الطريق كما هو ظاهر الآية والمتن وعلى ما ادعاه العيني لا تكون الإخافة منه أصلا قال ولم ينتبه في البحر إلى هذا فمشى مع العيني وعين الشارح البحر‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب في حواشي مسكين عن العيني بأن الإخافة لما لم تكن مقصودة، وإنما المقصود قتل النفس وأخذ المال صح جعل الضمير راجعا إلى قطع الطريق نظرا إلى ما هو المقصود منه وفي قول المصنف قاصد قطع الطريق إشارة إليه إذ مجرد الإخافة ليس من مقصوده

‏(‏قوله‏:‏ فذكر المصنف أن الإمام مخير بين الثلاثة‏)‏ قال في الحواشي السعدية فيه إن التخيير ينافي ما قد ذكره آنفا أن المراد التوزيع على الأحوال فليتأمل في التوفيق

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال ولم يضمن ما فعل لكان أولى‏)‏ أجاب في النهر بأنه لما بين أن قتله بمقابلة قتل النفس المعصومة وجرحها ربما توهم أخذ المال من تركته إذ لم يقابل بشيء فبين أنه لا يضمنه قال وبهذا يندفع ما في البحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفيه نظر إلخ‏)‏ قال المقدسي يراد بالأولياء ما يشمل المجروح فهو ولي نفسه إن كان أهلا وإلا فوليه الأب أو الوصي ونحوه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ينبغي أن يجب الحد‏)‏ أي ويصير كما لو قتل فقط وهي الحالة الثالثة

‏(‏قوله‏:‏ فجوابه أن قصدهم إلخ‏)‏ قال المقدسي بعد ذكره لهذا أقول‏:‏ ويفهم من ظاهر كلامهم أنهم إذا كان قصدهم القتل لم يكونوا قطاع طريق مع أن الحكم أنهم يحدون بالقتل وحده وإذا فرض أن ما أخذه من المال قليل أو تافه صار كالمعدوم فكأنهم قتلوا فقط فينبغي أن يحدوا والجواب أن القتل إذا انفرد ورد الشرع فيه بالحد فعلمنا أن الشرع جعل قتلهم سببا للمال حكما وإذا كان معه أخذ مال نظر إليه؛ لأنه المقصود، فإن كان قليلا منع الحد، وإن كان كثيرا لم يمنع ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ حتى يستوفي الولي القصاص‏)‏ قال في الفتح وحينئذ لا بد أن يكون قتل بحديد ونحوه؛ لأن القصاص لا يجب إلا به ونحوه عند أبي حنيفة

‏(‏قوله‏:‏ أي مرارا‏)‏ قال أبو السعود في حواشي مسكين أراد مرتين فصاعدا والقرينة على هذه الإرادة ما سيأتي من قوله؛ لأنه لو خنق مرة واحدة حتى قتله فالدية على عاقلته حيث اقتصر على قوله مرة واحدة

‏(‏قوله ولم أر في كلام مشايخنا تعريف السياسة‏)‏ ذكر المؤلف في باب حد الزنا قبيل قول المتن والمريض يرجم ولا يجلد ما نصه وظاهر كلامهم هنا أن السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي‏.‏ ا هـ‏.‏

كتاب السير

‏(‏قوله‏:‏ وفيه نظر؛ لأن المرأة إلخ‏)‏ قال بعض الفضلاء أنت خبير بأن كلام المحقق صريح في أن الوجوب عليها بإيجاب الله تعالى لا بأمر الزوج وأمر الزوج لها إذن وفك الحجر‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال بعضهم ينبغي أن يقيد الوجوب في المرأة على ما فيه بما إذا كان لها محرم يذهب معها للجهاد يدل ذلك على اشتراط المحرم لها في الحج وهو فرض عين‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار بقوله على ما فيه إلى ما في الهداية في فصل قسمة الغنيمة حيث علل عدم الرضخ للمرأة والصبي بعجزهما عن الجهاد ثم قال ولهذا أي لعجزهما عن الجهاد لم يلحقهما فرضه أي فرض الجهاد ثم علل عدم الرضخ للعبد بأنه لا يمكنه المولى من الجهاد وأن له منعه قال أبو السعود فما في النهر والظاهر أن التي لا زوج لها يفترض عليها كفاية ليس بظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت وبه صرح في القهستاني حيث قال فيمن لا يجب عليه وامرأة حرة سواء كان لها زوج أو لا؛ لأن المرأة من قرنها إلى قدمها عورة وفي الجهاد قد ينكشف شيء من ذلك لا محالة كما في المحيط فلا يختص بالزوجة كما ظن ا هـ‏.‏ فالحاصل أن ما في الفتح مسلم في العبد، وأما المرأة فلا وجوب عليها قبل النفير العام مطلقا كما هو صريح النقل

‏(‏قوله‏:‏ وهو يفيد أن له أن يخرج إلخ‏)‏ قال في النهر وأقول‏:‏ علل في الخانية ما إذا كانت بغير أمره بأنه لا حق للكفيل على المديون وهذا يقتضي أنه لا يسافر إلا بإذن الكفيل بالنفس؛ لأن له عليه حقا بتسليم نفسه إليه إذا طلب منه، وقد يذهب إلى مكان بعيد، فإذا طلب منه وهو عالم به يلزمه السفر إليه فيحصل له الضرر، وقد صرحوا بأن الكفيل بالنفس منعه من السفر قال في منية المفتي ضمن عن رجل مالا بأمره أو بنفسه فأراد الخصم أن يسافر فمنعه الكفيل قال محمد إن كان ضمانه إلى أجل فلا سبيل له عليه، وإن لم يكن إلى أجل فله أن يأخذه حتى يخلصه منه إما بأداء المال أو ببراءة منه وفي كفالة النفس برد النفس ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتعبيره في فتح القدير بالحرمة تسامح‏)‏ حيث قال وعن هذا حرم الخروج إلى الجهاد وأحد الأبوين كاره؛ لأن طاعة كل منهما فرض عليه والجهاد لم يتعين عليه مع أن في خصوصه أحاديث إلخ قلت لا يخفى أن هذا التعليل يفيد حرمة الخروج بلا إذنهما وقول التجنيس المار فكان مراعاة فرض العين أولى لا ينافي ذلك؛ لأن المراد بالأولى هنا الأرجح في التقديم فحيث كان فرض عين يكون خلافه حراما

قوله‏:‏ فليس له معرفة في غير الغزو‏)‏ ظاهره صحة هذا العقد بقوله اغز به عني مع أنه استئجار، وقد مر أنه لا يجوز تأمل

‏(‏قوله وهذا يجب المصير إليه إلخ‏)‏ رأيت للعلامة نوح أفندي رسالة حافلة في الرد على المؤلف مشتملة على نقل عبارات علماء مذهبنا الصريحة فيما مر من اشتراط التبري وأطال لسانه على المؤلف فيما قاله هنا تبعا لسراج الدين قارئ الهداية وأنت خبير بأن ما قاله المؤلف لم يخالف فيه النصوص؛ لأنه بناه على أن أهل الكتاب في مصر لا يقرون لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة بل ذلك في غير مصر أيضا وصار التلفظ بالشهادتين علما على الإسلام كما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم ولذا يمتنعون منها غاية الامتناع وأما ما نقله علماؤنا فهو مبني على ما كان في زمنهم وفي بلادهم وحاصله يرجع إلى تغير العرف والزمان وليس فيه مخالفة لما قاله المتقدمون كما قالوا في أنت علي حرام من أنه صار المراد به في الزمن المتأخر الطلاق‏.‏ وأفتى به المتأخرون بدون نية الطلاق على خلاف ما قاله المتقدمون وكم له من نظير ما قاله المتقدمون في هذه المسألة بعينها ينوه على اختلاف العرف والزمان إذ لا شك أنه عليه الصلاة والسلام كان يكتفي من المشركين وأهل الكتاب بالتلفظ بالشهادتين فقط بل بقول القائل صبأت، وإنما اشترطوا التبري في زمانهم؛ لأن أهل الكتاب صاروا يعتقدون أنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى العرب والعجم لا إلى بني إسرائيل كما هو صريح قول محمد وأما اليوم ببلاد العراق إلى آخر ما مر أول البحث، فإذا كان أهل الكتاب اليوم ينكرون بعثته صلى الله عليه وسلم مطلقا فقد عاد الأمر إلى ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم فلا تجوز مخالفته ولا العدول عنه؛ لأنه خلاف ما ورد به النصوص الصريحة الصحيحة بلا موجب للعدول عنه نعم إن علم من حال ذل كالكتابي أنه يخصص البعثة فلا بد من تبرئه من دينه الذي كان عليه وإذا جهل حاله، وقد أتى بالشهادتين ثم ارتد يسأل بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العرب والعجم، فإن قال لا فقد علم أنه لا يخصص البعثة فيجبر على العود إلى الإسلام، وإن قال نعم لكنه لم يبعث إلى بني إسرائيل علم أن ما أقر به من الشهادتين مبني على اعتقاده من أنه رسول الله إلى العرب والعجم فقط ولكن قد تقوم قرينة دالة على الحال، وإن كان مجهولا كما إذا أتى إلى مسلم وقال له اعرض علي الإسلام فلقنه الشهادتين وأتى بهما طائعا مختارا وكذا ما جرت به العادة في زماننا من أنه يذهب إلى المحكمة ويسلم عند القاضي فهذا لا شك‏.‏ ولا ريب في أن مراده الإقرار بعموم البعثة وفي أنه لا يريد به التخصيص الذي يحتمل أنه كان يعتقده، فإن هذا الاحتمال مع هذه القرينة الواضحة مضمحل غير معتبر، وإن لم يصرح بالتبري والعدول عما ورد في الأدلة الصريحة بمجرد هذا الاحتمال نبذ للشريعة بالكلية، فإن الإمام محمدا رحمه الله تعالى لم يشترط التبري إلا لتيقنه وعلمه بحال أهل بلاده واعتقادهم تخصيص البعثة بغير بني إسرائيل ولولا علمه ذلك منهم لم يسغ له ولا لمن بعده مخالفة ما وردت به الشريعة من الاكتفاء بالشهادتين فيجب إدارة الحكم على علته في كل زمان ولذا قالوا لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا حتى يعلم من أين قلنا فاغتنم هذا التحرير الفريد وما مشى عليه المؤلف هنا تبعا لقارئ الهداية ذكر العلائي في شرحه على الملتقى في الردة أنه أفتى به صنع الله أفندي في فتاويه وأنه أفتى به ابن كمال باشا وأنه ذكر في شرح المنتقى لداماد أفندي أنه المعمول به‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ صاروا ذمة لنا‏)‏ قال الرملي يدل على أنه بمجرد القبول يصيرون ذمة من غير عقد ودعاؤنا قبل كاف ويدل أيضا على أن الإمام ليس له الامتناع من اتخاذهم ذمة ويجب تقييده بما إذا لم يخف سوء عاقبة منه تأمل‏.‏

‏(‏قوله بخلاف حالة المخمصة‏)‏ قال في الفتح واعلم أن المذهب عندنا في المضطر أنه لا يجب عليه أكل مال الغير مع الضمان فلم يكن فرضا فهو كالمباح يتقيد بشرط السلامة كالمرور في الطريق فلا حاجة إلى الفرق بينه وبين افتراض الجهاد في نفي الضمان‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقال محمد لا يجوز لهم أن يلقوا أنفسهم في الماء‏)‏ قال في التتارخانية هذا إذا لم تصب النار بدنهم أما إذا أصابت، فإنهم يلقون أنفسهم في الماء؛ لأن فيه أدنى راحة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الخانية قال أبو حنيفة إلخ‏)‏ الظاهر أن نسخة الخانية التي وقعت لصاحب الفتح فيها سقط؛ لأنه قال وفي الخانية قال أبو حنيفة أقل السرية أربعمائة وأقل العسكر أربعة آلاف مع أن هذا قول الحسن بن زياد ولذا قال في الشرنبلالية الذي رأيته في الخانية نصه قال أبو حنيفة أقل السرية مائة وأقل الجيش أربعمائة قال الحسن بن زياد أقل السرية مائة وأقل الجيش أربعة آلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ وقول ابن زياد من تلقاء نفسه عليه نص الشيخ أكمل الدين بعدما قال وعن أبو حنيفة أقل السرية مائة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت وما نقله أن أقل السرية مائة على قول الإمام هو الذي رأيته في نسختي الخانية أيضا وهو مخالف لم نقله المؤلف عنها وتبعه أخوه‏.‏

‏(‏قوله والمقطوع اليمنى والمقطوع يده ورجله من خلاف‏)‏ نظر فيه في الشرنبلالية بأنه لا ينزل عن مرتبة الشيخ القادر على الإحبال أو الصياح‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله يقال في الأعمى والمقعد والمرأة، وقد يجاب بأنه يندفع ما يحذر منهم بإخراجهم إلى دارنا لما يأتي من أن من لا يقتل ينبغي حمله إذا كان بالمسلمين قوة لكن يبقى النظر حيث لم يمكن إخراجهم لكن سيأتي أنهم يتركون في أرض خربة حتى يموتوا جوعا حيث لم يمكن إخراجهم وقال في النهر بعد ذكره الحديث الآتي قريبا في النهر عما قتل النساء والصبيان وأراد بهم الذين لا يقدرون على القتال ولا على الصياح عند التقاء الصفين كذا في التتارخانية ثم نقل عن جمع الجوامع أنه لا يقتل من في بلوغه شك وهذا كما ترى يغاير الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ كلام النهر الأول مؤيد لكلام الشرنبلالية لكن أجاب السيد أبو السعود عما في النهر بأن المراد القدرة مع الفعل بأن وجد من الصبي القتال أو الصياح فلا ينافيه عدم جواز قتل من في بلوغه شك إذ هو محمول على ما إذا لم يوجد منه ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ ويؤيده ما في الخانية وأما الصبي والمعتوه ما داما يقاتلان أو يحرضان فلا بأس بقتلهما وبعدما صارا في أيدي المسلمين لا ينبغي أن يقتلوهما، وإن قتلوا غير واحد‏.‏ ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال هاه‏)‏ قال في الفتح هاه كلمة زجر والهاء الثانية للسكت

‏(‏قوله‏:‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وصاحبهما في الدنيا معروفا‏}‏ قال في الحواشي السعدية قد سبق في كتاب النفقة أنه لا يجب الإنفاق على الأبوين الحربيين، وإن كانا مستأمنين وصرح به الشراح أن قوله‏:‏ ‏{‏وصاحبهما‏}‏ الآية مخصوص بأهل الذمة دفعا للتعارض فتأمل في جوابه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولأنه يجب عليه إحياؤه‏)‏ قال في الحواشي السعدية لا يرد عليه الابن، فإنه ليس كالأب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه عليه السلام نبذ الموادعة إلخ‏)‏ كذا في الهداية واعترضها في الفتح بأن الأليق أن يجعل دليلا لما يأتي من قوله ونقاتل بلا نبذ لو خان ملكهم إلخ؛ لأنه عليه السلام لم يبدأ أهل مكة بل هم بدءوا بالغدر قبل مضي المدة فقاتلهم ولم ينبذ إليهم بل سأل الله تعالى أن يعمي عليهم حتى يبغتهم وهذا هو المذكور لجميع أهل السير والمغازي ومن تلقى القصة وذكروها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو طلب الأمان لأهله إلخ‏)‏ في شرح السير الكبير للسرخسي، وإن قالوا للمسلمين أمنوا أهلينا فقالوا نعم أمناهم فهم فيء وأهلهم آمنون؛ لأنهم لم يذكروا أنفسهم بشيء لا صريحا ولا كناية ولا دلالة، وإن قالوا أمنونا على ذرارينا فأمنوهم على ذلك فهم آمنون وأولادهم وأولاد أولادهم، وإن سفلوا من أولاد الرجال؛ لأن اسم الذرية يعم الكل فذرية المرء فرعه الذي هو متولد منه وهو أصل لذريته ألا ترى أن الناس كلهم من ذرية آدم ونوح عليهما السلام قال تعالى‏:‏ ‏{‏أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح‏}‏ الآية‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أن الرجل يدخل في اسم الذرية دون اسم الأهل لكن المثال الذي ذكره بقوله، وإن قالوا أمنونا دخل فيه الطالبون لذكرهم أنفسهم بلفظ الكناية بخلاف مثال الأهل السابق، فإنه ليس فيه ذلك، وقد قال السرخسي أيضا قبل ذلك وإذا قالوا أمنونا على أهلينا ومتاعنا على أن نفتح لكم ففعلوا وفتحوا لهم فالقوم آمنون، وإن لم يذكروا أنفسهم؛ لأن النون والألف في أمنونا كناية وكلمة على للشرط فتقدير كلامهم نحن آمنون مع أهلينا وأموالنا إن فتحنا لكم ثم قال بعد خمسة أبواب لو قال رئيس الحصن أمنوني على عشرة من أهل الحصن فقالوا لك ذلك فهو آمن وعشرة معه؛ لأنه استأمن لنفسه نصا بقوله أمنوني وقوله على عشرة للشرط، وقد شرط أمان عشرة منكرة مع أمان نفسه فعرفنا أن العشرة سواه والخيار في تعيينهم له ولو قال أمنوا لي عشرة فله عشرة يختارهم، فإن اختار عشرة هو أحدهم جاز أو عشرة سواه فهو فيء، وإن قال أمنوني وعشرة فالأمان له ولعشرة سواه والخيار في تعيينهم للإمام وكذا أمنوني مع عشرة، وإن قال أمنوني في عشرة من أهل بيتي أو قال من بني أبي كان هو وتسعة سواه؛ لأنه من جملة أهل بيته وبني أبيه والبيان للإمام ولو قال في عشرة من إخواني فهو آمن وعشرة سواه؛ لأن الإنسان لا يكون من إخوانه فوجب أن يجعل حرف في بمعنى مع لتعذر العمل بحقيقة الظرف وكذا لو قال في عشرة من ولدي؛ لأنه لا يكون من ولد نفسه‏.‏

قوله‏:‏ كانت خدمته أمانا له‏)‏ الظاهر أن المراد أنه يكون أمانا له في حق العبد نفسه لا في حق باقي المسلمين كما ظنه بعض الفضلاء فاستشكله تأمل‏.‏

باب الغنائم وقسمتها

‏(‏قوله وبه اندفع ما في شروح الهداية‏)‏ قال في النهر عنوة أي قهرا كذا في الهداية واتفق الشارحون على أن هذا ليس تفسيرا له لغة لأنها من عنى يعنو عنوا ذل وخضع وهو لازم وقهرا متعد قال في الفتح وإنما المعنى فتح بلدة حال كون أهلها ذوي عنوة وذلك يستلزم قهر المسلمين لهم وفيه وضع المصدر موضع الحال وهو غير المطرد إلا في ألفاظ اشتهرت وإطلاق اللازم وإرادة الملزوم في غير التعاريف بل ذلك في الإخبارات والوجه أنه مجاز فإن عنوة اشتهر في نفس القهر عند الفقهاء فجاز استعماله فيه تعريفا ا هـ‏.‏ وما قاله في البحر لا يصلح دافعا إلا إذا كان معنى له حقيقيا لا مجازيا وليس في القاموس ما يعينه وهذا لأن صاحب القاموس لا يميز بين الحقيقي والمجازي كما قال بعضهم بل يذكر المعاني جملة ا هـ‏.‏ وكأنه أراد بالبعض ابن حجر المكي وقد قدمنا عبارته في أول فصل التعزير قلت لكن نقل في باب العشر والخراج عن الفارابي أنه من الأضداد يطلق على الطاعة والقهر ومثله ما في المصباح حيث قال عنا يعنو عنوة إذا أخذ الشيء قهرا وكذا إذا أخذه صلحا فهو من الأضداد وفتحت مكة عنوة أي قهرا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وهو المن عليهم برقابهم وأراضيهم فقط وقسمة الباقي‏)‏ هكذا وجدت هذه الجملة في بعض النسخ عقب قوله فقد جل مآلا وفي بعضها عقب قوله ليخرج عن حد الكراهة وهي الصواب‏.‏

قوله وفي الثاني خلاف‏)‏ أي اشتراؤه بمال وسماه ثانيا نظرا إلى ما في عبارة المبرد

‏(‏قوله ولا يصح الأول في كلام المختصر إلخ‏)‏ قال في النهر الظاهر أن مؤدى العبارتين واحد وذلك أن قوله بغير شيء أي بغير قتل ولا استرقاق ولا ذمة، وأن ردهم إلى دارهم هو إرسالهم إليها وهذا كما ترى مغاير لمطلق إطلاقهم بغير شيء فتدبره ثم رأيته في إيضاح الإصلاح قال المن أن يطلقهم مجانا سواء كان الإطلاق بعد إسلامهم أو قبله أشير إلى ذلك في التعليل المذكور في الهداية يريد قوله ولأنه بالأسر ثبت حق الاسترقاق فيه فلا يجوز إسقاطه بغير منفعة ثم قال وقد علم من نفي المن والفداء نفي ردهم إلى دارهم بطريق الدلالة فلا حاجة إلى ذكره ا هـ‏.‏

قوله ولو من أهل الحرب إذا أسلموا بدارهم‏)‏ سيذكر عند قول المتن لا السوقي ما يخالفه فتأمل

‏(‏قوله ويجب عقرها‏)‏ سيذكر في هذه القولة ما يخالفه

‏(‏قوله فكان هو المذهب‏)‏ أفاد أن ما قدمه عن الشارح الزيلعي خلاف المذهب

‏(‏قوله ولا يجبرهم في رواية السير الصغير‏)‏ قال في الفتح والأوجه أنه إن خاف تفرقهم لو قسمها قسمة الغنيمة يفعل هذا وإن لم يخف قسمها قسمة الغنيمة في دار الحرب فإنها تصح للحاجة وفيه إسقاط الإكراه وإسقاط الأجرة‏.‏

‏(‏قوله وبيعها قبلها‏)‏ قال في الفتح وهذا في بيع الغزاة ظاهر وأما بيع الإمام لها فذكر الطحاوي أنه يصح لأنه مجتهد فيه يعني أنه لا بد أن يكون الإمام رأى المصلحة في ذلك وأقله تخفيف إكراه الحمل عن الناس أو عن البهائم ونحوه وتخفيف مؤنته عنهم فيقع عن اجتهاد في المصلحة فلا يقع جزافا فينعقد بلا كراهة مطلقا

‏(‏قوله قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام‏)‏ أي وقبل أن يظهروا على البلد لما في الشرنبلالية عند قول الدرر ومددا يلحقهم ثمة وتقييده لحوق المدد بدار الحرب إشارة إلى أنه لو فتح العسكر بلدا بدار الحرب واستظهروا عليه ثم لحقهم المدد لم يشاركهم لأنه صار ببلاد الإسلام فصارت الغنيمة محرزة بدار الإسلام نص عليه في الاختيار ا هـ‏.‏ وعلى هذا فقول المؤلف وإذا لحقهم المدد إلخ مصور فيما إذا غنموا منهم ولم يظهروا عليهم ولم تصر دار إسلام قال في التتارخانية ولو أن عسكرا دخلوا دار الحرب وقاتلوا أهل المدينة من مدائنهم وقهروا أهلها واستولوا عليها وفتحوها وأظهروا فيها أحكام الإسلام حتى صارت المدينة دار الإسلام ولم يقسموا الغنائم حتى لحقهم المدد لا يشاركوهم فيها ا هـ‏.‏

‏(‏قوله قياسا على مسألة الغنيمة‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ في الدرر والغرر عن فوائد صاحب المحيط للإمام والمؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقط لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل لا يسقط لأنه كالأجرة ا هـ‏.‏ وجزم في البغية بأنه يورث بخلاف رزق القاضي وأنت خبير بأن ما يأخذه القاضي ليس صلة كما هو ظاهر ولا أجرا لأن مثل هذه العبادة لم يقل أحد بجواز الاستئجار عليها بخلاف ما يأخذه الإمام والمؤذن فإنه لا ينفك عنهما فبالنظر إلى الأجرة يورث ما يستحق إذا استحق غير مقيد بظهور الغلة وقبضها في يد الناظر وبالنظر إلى الصلة لا يورث وإن قبضه الناظر قبل الموت وبهذا عرفت أن القياس على الغنيمة غير صحيح وسيأتي لهذا مزيد وبيان في الوقف إن شاء الله تعالى ا هـ‏.‏ ما في النهر ولم أر له في الوقف ذكرا لهذه المسألة وكذا لم يذكرها المؤلف هناك أيضا هذا وقول النهر أن ما يأخذه القاضي ليس صلة مخالف لما صرح به في الهداية قبيل الردة وسيذكره المؤلف هناك أيضا نعم ما يأخذه الإمام ونحوه فيه معنى الصلة ومعنى الأجرة والظاهر أن ذلك منشأ الخلاف المحكي في الدرر لكن ما جزم به في البغية يقتضي ترجيح جانب الأجرة في حقه وهو ظاهر لا سيما على ما أفتى به المتأخرون من جواز الأجرة على الأذان والإمامة والتعليم وعن هذا والله تعالى أعلم مشى العلامة الطرسوسي على أن المدرس ونحوه إذا مات في أثناء السنة يعطى بقدر ما باشر ويسقط الباقي بخلاف الوقف على الأولاد والذرية فإنه إذا مات مستحق منهم يعتبر في حقه وقت ظهور الغلة فإن مات بعد ما خرجت الغلة ولو لم يبد صلاحها صار ما يستحقه لورثته وإلا سقط كما حرره في أنفع الوسائل والأشباه والنظائر وأفتى به الخير الرملي فبهذا تعلم الفرق بين كون المستحق من الوقف إماما ونحوه أو من الأولاد‏.‏

‏(‏قوله أما إذا مات بعد القسمة أو البيع‏)‏ هذا في البيع مبني على ما ذكره الطحاوي من أن للإمام بيع الغنيمة كما قدمناه عن فتح القدير

‏(‏قوله عائد إلى الغانمين‏)‏ لو كان كذلك لقال وينتفعون والظاهر أن يقال إلى الغانم بالأفراد أو يقرأ ينتفع بصيغة المجهول والظرف بعده نائب الفاعل

‏(‏قوله والمأسور فيهم لا يكره له أن يسرق أمته إلخ‏)‏ الظاهر أن في هذه العبارة سقطا أو تحريفا فليراجع المحيط

‏(‏قوله لأنه ليس له أخذ الطعام بعد الإحراز‏)‏ تعليل للمتن

‏(‏قوله وما أودع مسلما أو ذميا‏)‏ ليس فيئا تقييد لقوله فجميع ماله هناك فيء إلا أولاده الصغار وقد نقل في النهر العبارة عن الفتح ولم يذكر ذلك التقييد فأوهم خلاف المراد وليس بصحيح بقي على ما ذكر من التقييد لا حاجة إلى قوله ولم يخرج إلينا إذ لا فرق حينئذ بين الخروج وعدمه كما ذكره الشارح في باب المستأمن‏.‏

‏(‏قوله أخذ قبل الإسلام أو بعده‏)‏ أي إذا دخل بلا أمان وهو حربي ثم أسلم فأخذ قبل الإسلام أو بعده فهو فيء لانعقاد دخوله سببا للاسترقاق تأمل وراجع‏.‏

فصل في كيفية القسمة

‏(‏قوله ولو كان بقتل رجل وأخذ القيمة منه‏)‏ أي ولو كان موت الفرس بعد الدخول لدار الحرب بسبب قتل رجل لها وأخذ القيمة من قاتلها

‏(‏قوله وكان الفرق إلخ‏)‏ ذكر الفرق في شرح السير بأن المريض كان صالحا للقتال عليه إلا أنه تعذر لعارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن بخلاف المهر فإنه ما كان صالحا ابتداء في دار الحرب فيكون كمن اشترى فرسا في دار الحرب ويوضح الفرق أن الصغيرة لا تستوجب النفقة على زوجها لأنها لا تصلح لخدمة الزوج والمريضة تستوجب لأنها كانت صالحة ولكن تعذر ذلك بعارض‏.‏

‏(‏قوله والذمي إنما يرضخ له إذا قاتل أو دل على الطريق‏)‏ قال في الحواشي اليعقوبية لا وجه لتخصيص حكم الدلالة على الطريق بالذمي لأن العبد أيضا إذا دل يعطى له أجرة الدلالة بالغا ما بلغ إلا أن يمنع إرادة التخصيص فليتأمل ا هـ‏.‏

‏(‏قوله إلا إذا قاتل فإنه يسهم له‏)‏ أي بخلاف المذكورين فإنه يرضخ لهم إذا قاتلوا ولا يسهم

‏(‏قوله وظاهر ما في الولوالجية أن العبد يرضخ له بشرطين إلخ‏)‏ وذلك حيث قال العبد إذا كان مع مولاه يقاتل بإذن مولاه يرضخ له وكذا الصبي والذمي والمرأة والمكاتب يرضخ لهم لأن العبد تبع للحر فإنه يقاتل بأذن المولى وأهل الذمة تبع للمسلمين ولهذا لو أرادوا ينصبون راية لأنفسهم لا يمكنون والصبي تبع للرجل فلا تجوز التسوية بينهم في استحقاق الغنيمة وإن استووا في سبب الاستحقاق وهو القتال وكان ينبغي أن لا يسوى بين الفرس وبين المالك لأنه تبع للمالك لا أنا تركنا القياس بالنص ولا نص هنا وإذا لم تجز التسوية لا يسهم له فيرضخ للعبد إن كان في خدمة مولاه ولا يقاتل ا هـ‏.‏ قلت لكن قول الولوالجي إذا كان مع مولاه مقاتل بإذن مولاه يرضخ له من غير قيد بل يرضخ له وإن لم يكن بإذن المولى كما صرح به السرخسي في شرح السير الكبير وقال إذا كان غير مأذون له بالقتال فلا شيء له قياسا لأنه ليس من أهل القتال فكان حاله كحال الحربي المستأمن إن قاتل بإذن الإمام استحق الرضخ وإلا فلا وفي الاستحسان يرضخ له لأنه غير محجور عن الاكتساب وعما يتمحض منفعة وهو نظير القياس والاستحسان في العبد المحجور إذا أجر نفسه وسلم من العمل وبه اندفع ما في الحواشي اليعقوبية من قوله أن العبد إذا كان مأذونا بالقتال وقاتل ينبغي أن يكون له السهم الكامل كما لا يخفى ا هـ‏.‏ وقد رأيت التصريح بهذا الظاهر في الفتح حيث قال وسواء قاتل العبد بإذن سيده أو بغير إذنه‏.‏

‏(‏قوله فهذا يقتضي أن الفتوى على الصرف إلى الأقرباء الأغنياء‏)‏ قال في النهر فيه نظر بل هو ترجيح لإعطائهم وغاية الأمر أنه سكت عن اشتراط الفقر فيهم للعلم به ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء وأنت إذا تأملت كلام الحاوي رأيته شاهدا لما في البحر وهذه عبارته وأما الخمس فيقسم ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع لأغنيائهم شيء وعن أبي يوسف إلخ إذ لو كان كما قاله في النهر لكانت رواية أبي يوسف عين ما قبلها‏.‏

‏(‏قوله والحجة عليه ما قدمناه‏)‏ أي من أن الخلفاء الراشدين إنما اقتسموا الخمس على ثلاثة فلو كان كما ذكر لقسموه على أربعة ورفعوا سهمه لأنفسهم كذا في الفتح

‏(‏قوله أي بعدما دفع الخمس‏)‏ كذا في النسخ والذي في الفتح بدون ما وهو أظهر

‏(‏قوله لأن التحريض مندوبة إليه كذا وقع في الهداية‏)‏ قال في الفتح واعلم أن التحريض واجب للنص المذكور لكنه لا ينحصر في التنفيل ليكون التنفيل واجبا بل يكون بغيره أيضا من الموعظة الحسنة والترغيب فيما عند الله تعالى فإذا كان التنفيل أحد خصال التحريض كان التنفيل واجبا مخيرا ثم إذا كان هو أدعى الخصال إلى المقصود يكون إسقاط الواجب به دون غيره مما يسقط به أولى وهو المندوب فصار المندوب اختيار الإسقاط به دون غيره لا هو في نفسه بل هو واجب مخير وأما ما قيل في التنفيل ترجيح البعض وتوهين آخرين وتوهين المسلم حرام فليس بشيء والإحرام التنفيل لاستلزامه محرما ا هـ‏.‏

‏(‏قوله أو للسرية‏)‏ عطف على قوله للعسكر لكن هذا مخالف لما في الهداية حيث فرق بين العسكر والسرية فقال ولا ينبغي للإمام أن ينفل بكل المأخوذ لأن فيه إبطال حق الكل وإن فعله مع السرية جاز لأن التصرف إليه وقد تكون المصلحة فيه ا هـ‏.‏ وكذا قال الزيلعي أنه لو نفل السرية بالكل جاز وذكر في الاختيار كما في الهداية ونفل في الدرر عن النهاية عن السير الكبير نحوه قلت لكن الذي رأيته في السير الكبير للسرخسي التفصيل في السرية فإنه قال لو بعث أمير المصيصة سرية لا ينبغي أن ينفل لهم ما أصابوا بخلاف ما إذا دخل الإمام مع الجيش في دار الحرب ثم بعث سرية ونفل لهم ما أصابوا فإنه يجوز لأن السرية في الأول يختصون بما أصابوا قبل تنفيل الإمام وليس لأهل المصيصة معهم شركة في ذلك فإن المصيصة من دار الإسلام ومن توطن في دار الإسلام لا يشارك الجيش فيما أصابوا فليس في هذا التنفيل إلا إبطال الخمس وفي الثاني لا يختصون بالمصاب قبل التنفيل فهذا تنفيل للتخصيص على وجه التحريض فيصح ا هـ‏.‏ وحاصله أنه إن بعث السرية من دار الإسلام لم يكن له التنفيل بكل ما أصابوا لأنهم صاروا بمنزلة الجيش من العسكر لأنهم كل العسكر بخلاف ما إذا بعث السرية من دار الحرب لأنهم قطعة من العسكر خصهم بما أصابوا للتحريض وهذا شأن التنفيل من زيادة البعض على غيرهم للتحريض كما بين ذلك بعد نحو ورقة بقوله ولو بعث السرية من دار الإسلام ونفلهم الثلث بعد الخمس أو قبل الخمس كان باطلا لأنه ما خص بعضهم بالتنفيل وليس مقصوده فيه إبطال الخمس وإبطال تفضيل الفارس على الراجل فلا يجوز بخلاف ما إذا التقوا في دار الحرب ففي التنفيل هناك معنى التخصيص لهم لأن الجيش شركاؤهم في الغنيمة ففي التنفيل تخصيصهم ببعض المصاب وهو مستقيم ا هـ‏.‏ وحاصله أن التنفيل العام لا يصح وذلك في العسكر وفي السرية المبعوثة من دارنا لأنها بمنزلة العسكر ووجه بطلانه أنه ليس فيه معنى التخصيص أي زيادة البعض على الباقي بخلاف السرية المبعوثة من العسكر في دار الحرب لكن التنفيل للسرية المبعوثة من دارنا لا يصح إذا كان التنفيل للكل بمعنى أن يكون جميع ما أصابوه بينهم لأنه ليس فيه تخصيص بخلاف ما إذا نفل من أصاب منهم شيئا للمصيب فقط فإنه يصح لما ذكره بعد نحو ورقتين من أنه لو قال للسرية المبعوثة من دارنا من قتل منكم قتيلا فله سلبه ومن أصاب منكم شيئا فهو له دون من بقي من أصحابه جاز لأن فيه معنى التخصيص لأن القاتل والمصيب يختص بالنفل بخلاف ما إذا نفل لهم الثلث لأنه ليس فيه تخصيص البعض ولا إبطال حق أحد من الغانمين ا هـ‏.‏ وعلى هذا يقال في العسكر أيضا لو قال لهم من أصاب شيئا فهو له دون من بقي جاز قياسا على السرية المبعوثة من دارنا لما علمت من أنهما متحدان حكما

‏(‏قوله لأن فيه إبطال السهمان الذي أوجبها الشرع‏)‏ قال الرملي أي في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم للفارس سهمان وللراجل سهم فهو على الحكاية ا هـ‏.‏ قلت لكن في المصباح السهم النصيب والجمع أسهم وسهمان بالضم فالظاهر أن ما هنا بالضم جمع سهم لكن كان الأولى التعبير بالتي بدل الذي لو كان المراد به المثنى لقال اللذين أوجبهما الشرع مع أن إتيانه بالألف على قصد الحكاية بعيد فيتعين ما قلنا والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله وهذا بعينه يبطل إلخ‏)‏ أقول‏:‏ فيه نظر ظاهر لأن قوله من أصاب شيئا فهو له فيه تخصيص البعض دون البعض وهو معنى التنفيل كما علمت مما قررناه آنفا بخلاف ما أصبتم فهو لكم فإنه ليس فيه تخصيص البعض بل فيه إبطال التفاوت بين الفارس والراجل قصدا وكذا فيه إبطال الخمس قصدا إن لم يقل بعد الخمس وأما قوله من أصاب شيئا فهو له فإنه وإن كان فيه إبطال التفاوت وإبطال الخمس أيضا لكنه غير مقصود كما يظهر مما نقلناه عن السير وكذا قال في السير ولو قال لهم الإمام لا خمس عليكم فيما أصبتم أو الفارس والراجل سواء فيما أصبتم كان باطلا فكذلك كل تنفيل لا يفيد إلا ذلك فإن قيل أليس في قوله من قتل قتيلا فله سلبه إبطال الخمس عن السلب مع أنه جائز قلنا هناك المقصود بالتنفيل التحريض وتخصيص القاتلين بإبطال شركة العسكر عن الإسلاب ثم يثبت إبطال الخمس عنها تبعا وقد ثبت تبعا ما لا يثبت قصدا

‏(‏قوله وإذا اشترك رجلان إلخ‏)‏ قيد بهما لأنه لو كانوا ثلاثة أو أكثر فالقياس كذلك لأن من للعموم ولكنه قبيح لأنه يؤدي إلى أنه لو اجتمع العسكر كلهم على قتله فلهم سلبه وليس مراده ذلك والاستحسان يحتمل وجوها أحسنها أنه إن قتله قوم يرى الناس أن ذلك القتيل لو خلي بينه وبينهم كان ينتصف منهم فلهم سلبه وإلا فلا وتمامه في شرح السير الكبير‏.‏

‏(‏قوله وفي التتارخانية إلخ‏)‏ وكذا في شرح السير الكبير لو قال في دار الحرب قبل أن يلقوا قتالا من قتل قتيلا فله سلبه جاز ويبقى حكم هذا التنفيل إلى أن يخرجوا من دار الحرب حتى لو رأى مسلم مشركا نائما أو غافلا في عمل فقتله فله سلبه كما لو قتله في الصف أو بعد الهزيمة أما لو قال ذلك بعد ما اصطفوا للقتال فهو على ذكر القتال حتى ينقضي ولو بقي أياما‏.‏

‏(‏قول المصنف وينفل بعد الإحراز من الخمس إلخ‏)‏ في المنبع عن الذخيرة لا خلاف بين العلماء أن التنفيل قبل الإصابة وإحراز الغنيمة وقبل أن تضع الحرب أوزارها جائز ويوم الهزيمة ويوم الفتح لا يجوز لأن القصد به التحريض على القتال ولا حاجة إليه إذا انهزم العدو وظهر المسلمون لأنهم لا يتقاعدون عن القتال حينئذ بل يبالغون بلا تحريض فيتضمن إبطال حق الغانمين والفقراء بلا نفع ولذا لا ينبغي قبل الهزيمة والفتح من غير استثنائهما بل يقيد فيقول من قتل قتيلا قبل الفتح والهزيمة فله سلبه ولو أطلق بقي فيهما ألا ترى أن عامة القتلى والأسارى يوم بدر كان بعد الهزيمة وقد سلموا لمن أخذهم وأما بعد الإحراز فلا يجوز إلا من الخمس إذا كان محتاجا لأنه حق المحتاجين ولا ينبغي أن يضع ذلك في المحتاجين والمراد بالإحراز أن تقع الغنيمة في أيدي العسكر والسرية ا هـ‏.‏ ملخصا كذا في شرح المقدسي لكن الذي في الزيلعي وغيره تفسير الإحراز بدار الإسلام ومفاده جواز التنفيل قبل الخمس يوم الفتح والهزيمة إلا أن يقال إنه غير معتبر المفهوم بدليل ما مر ولما في شرح السير الكبير قال أبو حنيفة لا نفل بعد إحراز الغنيمة وأهل الشام يجوزونه بعد الإحراز وما قلنا دليل على فساد قولهم لأن التنفيل للتحريض وذلك قبل الإصابة لا بعدها ولأنه لإثبات الاختصاص ابتداء لا لإبطال حق ثابت للغانمين وفي التنفيل بعد الإصابة إبطال الحق ثم أجاب عما ورد من التنفيل بعد الإحراز بأنه كان من الخمس‏.‏

‏(‏قوله فإن ظاهر ما في الذخيرة عدم الحرمة‏)‏ قال في النهر ممنوع بل ظاهر في الحرمة كما قاله الشارح لأن إبطال حق الغير لا يجوز ا هـ‏.‏ وأما تعبيره بلا ينبغي فلا يقتضي عدم الحرمة لأنه غير مطرد فيما تركه أولى ألا ترى إلى قول الهداية وينبغي للمسلمين أن لا يغدروا وقولها ولا ينبغي أن يباع السلاح منهم وقول المتن في الأيمان ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث وهو شائع في كلامهم

‏(‏قوله سبق قلم‏)‏ قال الرملي أي من بعض النساخ والذي في نسخنا من الزيلعي فله فرسه كما في المحيط‏.‏

باب استيلاء الكفار

‏(‏قوله فما في النهاية من أن التركي إلخ‏)‏ قال في النهر لا مخالفة بينهما بوجه فإن كلا من الروم والترك اسم جنس جمعي حتى يفرق بينه وبين مفرده بالياء كزنج وزنجي وغاية الأمر أن الترك الذي هو جمع تركي جمع على أتراك وهذا لا ينفيه صاحب النهاية

‏(‏قوله وهذا لأن العصمة إلخ‏)‏ أي وكونه مباحا بعد الإحراز لأن العصمة ثبتت على منافاة الدليل وهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏خلق لكم ما في الأرض جميعا‏}‏ فإنه يقتضي إباحة الأموال بكل حال وإنما ثبتت ضرورة تمكن المحتاج من الانتفاع فإذا زالت المكنة من الانتفاع عاد مباحا كذا في الفتح

‏(‏قوله والمحظور لغيره إلخ‏)‏ جواب عن قول الشافعي والمحظور لا ينتهض سببا للملك بأن ذاك في المحظور لنفسه أما المحظور لغيره فلا فإنا وجدناه صلح سببا لكراهة تفوق الملك وهو الثواب كما في الصلاة في الأرض المغصوبة فما ظنك بالملك الدنيوي كذا في الفتح‏.‏

‏(‏قوله وفي التتارخانية وإن أقام أحدهما بينة إلخ‏)‏ قال فيها بعد هذه المسألة هذا الذي ذكرنا كله إذا اختلفا في مقدار الثمن الذي اشتراه المشتري من العدو أما إذا اختلفا في مقدار قيمة العوض الذي اشتراه من العدو وأقاما جميعا البينة ذكر محمد أن البينة بينة المشتري من العدو قال وهذا قول أبي يوسف ولم يذكر قول أبي حنيفة في هذه المسألة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لم يكن للمالك أخذه‏)‏ قال في النهر يعني بالخمر والخنزير ومقتضى ما مر أنه يأخذه بقيمة نفسه وبه صرح في السراج ا هـ‏.‏ وعبارة صاحب السراج وفي الجوهرة وإن اشتراه بخمر أو خنزير أخذه بقيمة الخمر وإن شاء تركه انتهت وفي التتارخانية ولو كان المشتري اشترى هذا الكر منهم بخمر أو خنزير وأخرجه إلى دار الإسلام لم يكن للمالك القديم أن يأخذه على الروايات كلها ا هـ‏.‏ والذي يظهر أن المبيع إن كان مثليا أخذه بقيمة الخمر وإن كان قيميا فبقيمته نفسه والأول محمل كلام الجوهرة والثاني محمل كلام السراج ولا ينافيه ما في التتارخانية فتأمل وراجع

باب المستأمن‏)‏

‏(‏قوله والظاهر عدم تخصيصه بالبيع وأنه لا يشمل القرض‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي بعضها وظاهره تخصيصه بالبيع وأنه لا يشمل القرض وفي بعضها وظاهره عدم تخصيصه إلخ وهذا هو المناسب قال في النهر بعد ذكره ما في القاموس لكن في المغرب أدنته ودينته أقرضته وعلى هذا فما في الكتاب يشمل القرض أيضا لكن في طلبة الطلبة ادان بالتشديد من باب الافتعال أي قبل الدين والدين غير القرض لأن القرض اسم لما يقرض يصير في الذمة وقد قيل أن اسم الدين شامل الجميع ما يجب في الذمة بالعقد والاستهلاك أو بالاستقراض كذا في السراج وحاصله أن من قصر المداينة على البيع بالدين شدد ومن أدخل القرض ونحوه خفف وهو أولى ا هـ

فصل تأخير استئمان الكافر

‏(‏قوله لأنه يصير عينا لهم إلخ‏)‏ قال الرملي هذه العلة تنادي بحرمة تمكينه سنة بلا شرط وضع الجزية عليه إن هو أقامها تأمل

‏(‏قوله وإن دخل دار الإسلام بلا أمان إلخ‏)‏ قال الرملي يؤخذ منه جواب حادثة الفتوى وهو أنه يخرج كثير من سفن أهل الحرب جماعة منهم للاستقاء من الأنهر التي بالسواحل الإسلامية فيقع فيهم بعض منا فيأخذهم

‏(‏قوله بخلاف ما إذا كان على المالك‏)‏ أي بأن كان خراج وظيفة وهذا التفصيل هو الصواب كما بينه السرخسي في شرح السير الكبير فإنه قال وإن استأجرها وأقام حتى زرعها فأخذ منه الخراج كان ذميا أيضا وهذا غلط بين فإن الخراج لا يجب على المستأجر وإنما يجب على الآجر إلا أن يكون مراده خراج المقاسمة وذلك جزء من الخارج بمنزلة العشر فيكون على المستأجر عند محمد كالعشر فأما خراج الوظيفة فدارهم في ذمة الآجر تجب باعتبار تمكنه من الانتفاع بالأرض ا هـ‏.‏ ثم ذكر المسألة أو أخر الكتاب في باب ما يصير به الحربي ذميا فقال ولو استأجر أرض الخراج فزرعها فخراجها على صاحبها لا على المزارع لأن الخراج يجب بإزاء المنفعة والمنفعة في الحقيقة حصلت لرب الأرض لأن البدل حصل له فلا يصير الحربي ذميا بالزارعة لأن الخراج لم يؤخذ منه ولو كان خراجها مقاسمة بنصف الخارج فزرعها الحربي ببذره فعند أبي حنيفة يجب خراج الأرض على المالك وعند هما على المزارع في الخارج لأن خراج المقاسمة بمنزلة العشر ومن استأجر أرض العشر فزرعها فالعشر عنده على المالك وعند هما على المزارع في الخارج ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وبه علم أن قوله في فتح القدير فإنه يؤخذ منه لا من المالك مبني على قولهما لا على قول الإمام

‏(‏قوله فلو قال أو صار لها إلخ‏)‏ لا يخفى أن لفظ صار يفيد الحدوث أيضا

‏(‏قوله بخلاف ما إذا أسلم وهي مجوسية‏)‏ أي فإن القاضي يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا فرق بينهما ولها أن ترجع بعد انقضاء عدتها كما في شرح السير الكبير

‏(‏قوله حتى مضى حول كان ذميا‏)‏ أي بناء على القول بأنه لا يشترط تقدم الإمام إليه وهو خلاف الأوجه كما مر‏.‏

‏(‏قوله وقد تقدم في الهداية في آخر كتاب الطلاق‏)‏ أي قبيل باب النفقة عند قول المتن ولا تسافر مطلقة بولدها وقوله وقدمنا جوابه لم أر له جوابا هناك نعم قال في النهر هنا قال في النهاية وجدت بخط شيخي ليس في النسخة التي قوبلت مع نسخة المصنف هذه الجملة وما في بعض النسخ وقع سهوا ا هـ‏.‏ يعني‏:‏ من الكاتب وهذا الجواب هو أيسر الأجوبة والله تعالى الموفق‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وينبغي ترجيحه إلخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن تقديم قول أبي يوسف يؤذن بترجيحه وهذا لأن الوديعة إنما كانت فيئا لما مر من أنها في يده حكما ولا كذلك الرهن ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء أقول‏:‏ لما كان الزائد على مقدار الدين في حكم الوديعة كان في يده حكما فالحق ما في البحر وأما حديث الترجيح بتقديم القول فليس بمطرد كما لا يخفى على من تتبع ا هـ‏.‏ ونحوه في حواشي أبي السعود عن الحموي

‏(‏قوله ولو اقتصر على المسألة الأولى إلخ‏)‏ نظر فيه في النهر بعد قوله أو قتل حربيا أي لا ولي له وبهذا تغاير موضوع المسألتين وفي حاشية أبي السعود عن الحموي في النظر نظر إذ وجود الحربي في دار الحرب كلا وجود إلا أن يحضر فيدعي فيكون المال فليحرر ا هـ

‏(‏قوله فإرثه لبيت المال‏)‏ المراد يوضع ماله في بيت المال ليصرف في مصارفه لأن المصرح به أن بيت المال غير وارث عندنا

‏(‏قوله لكن بعد التأني‏)‏ بالتاء المثناة والهمزة والنون المشددة أي التمهل

باب العشر والخراج والجزية

‏(‏قوله من عدن أبين‏)‏ قال الرملي هي مدينة معروفة باليمن أضيفت إلى أبين بوزن أبيض وهو رجل من حمير عدن بها أي أقام كذا في نهاية ابن الأثير‏.‏

‏(‏قوله وكذا أجمعت الصحابة إلخ‏)‏ قال الرملي يؤخذ مما في فتح القدير أن ما تؤخذ في بلادنا الشامية مزارعة بالحصة لأنها ليست مملوكة للزراع وتأمل وقد ذكر الشارح في رسالته التحفة المرضية أن الخراج يجب في الأرض الخراجية على أربابها إلى أن لا يبقى منهم أحد فحينئذ ينتقل الملك إلى بيت المال فيؤجرها الإمام ويأخذ جميع الأجرة لبيت المال كدار صارت لبيت المال واختار السلطان استغلالها فإنه يؤجرها ويأخذ أجرتها من المستأجر لبيت المال فإذا اختار بيعها فله ذلك إما مطلقا أو لحاجة أو مصلحة كما بيناه ا هـ‏.‏ قوله فيؤجرها الإمام يعني بنفسه أو نائبه ويعلم منه أنه ليس للمزارعين أن يؤجروها لأنفسهم بمال يأخذونه لأنفسهم غير ما يأخذه الإمام من المستأجر إذ لا ولاية له في ذلك ويظهر به جهل مزارعي الأراضي السلطانية وأراضي الوقف ببلادنا بأجرة يأخذها المزارع لنفسه وأفتيت بعدم جوازه

‏(‏قوله إنما هو بدل إجارة لا خراج‏)‏ ذكر في التتارخانية السلطان إذا دفع أراضي لا مالك لها وهي التي تسمى الأراضي المملكة إلى قوم ليعطوا الخراج جاز وطريق الجواز أحد شيئين إما إقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج أو الإجارة بقدر الخراج ويكون المأخوذ منهم خراجا في حق الإمام أجرة في حقهم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يؤخذ من هذا أنه لا عشر على المزارعين في الأراضي الشامية لأنها من الأراضي المملكة فإن كان المأخوذ منهم خراجا فهو لا يجتمع مع العشر وإن كان أجرة فالمستأجر لا عشر عليه عند الإمام وإنما العشر على المؤجر نعم عند هما العشر على المستأجر لكن هذا المأخوذ ليس أجرة من كل وجه لأنه خراج في حق الإمام تأمل

‏(‏قوله فكذلك نقول الإمام بيع العقار إلخ‏)‏ قال في رسالته التحفة المرضية ثم ظاهر ما في الخلاصة يدل على جواز البيع للإمام مطلقا فإنه قال في كتاب البيوع من فصل الخراج ما نصه أرض خراج مات مالكها فللسلطان أن يؤجرها ويأخذ الخراج من أجرتها وفي سير واقعات الناطفي في باب الباء لو أراد السلطان أن يشتريها لنفسه يأمر غيره بأن يبيعها ثم يشتريها منه لنفسه ا هـ‏.‏ فقد أفاد جواز البيع ولم يقيد بشيء مع أنها بموت مالكها صارت لبيت المال إذ المفروض أن ليس لمالكها وارث بدليل أنه قال للسلطان أن يؤجرها ولو خلف مالكها وارثا لكان الوارث هو المتصرف والخراج واجب عليه فيها ولو كان صغيرا لأن الخراج يجب في أراضي الصبي لأنه مؤنة كما في أكثر الكتب وصرح الإمام الزيلعي في شرح الكنز بأن للإمام ولاية عامة وله أن يتصرف في مصالح المسلمين والاعتياض عن المشترك العام جائز من الإمام ولهذا لو باع شيئا من بيت المال صح بيعه ا هـ‏.‏ فقوله شيئا نكرة في سياق الشرط فيعم المنقول والعقار والدور والأراضي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وتمامه فيما كتبناه إلخ‏)‏ حيث قال وأما إذا باعها بعدما صارت لبيت المال فإنما باعها بعدما سقط الخراج عنها بعدم من يجب عليه لأنه كما صرحوا به يجب في الذمة لا في الخارج بدليل أنه يجب بالتمكن من الزراعة وقد قال في الخلاصة والخانية إن خراج الوظيفة هو أن يكون الواجب فيها شيئا في الذمة يتعلق بالتمكن من الانتفاع بالأرض ا هـ‏.‏ لا يقال إن الخراج وظيفة الأرض لا يسقط أصلا لأنا نقول هو كذلك ما دامت الذمة صالحة للوجوب فإذا مات مالكها ولم يخلف وارثا سقط لعدم المحل ولا يمكن الوجوب على المشتري من السلطان لأن الخراج لا بد فيه من الالتزام حقيقة وهو ظاهر أو حكما بأن انتقلت الأرض إليه ممن وجب الخراج عليه لنفسه كبيعه أو بيع السلطان عند عجزه ولم يوجد في مسألتنا ولو قبل بوضع الخراج الآن على أرضه لم يجز لأن المسلم لا يجوز وضع الخراج عليه ابتداء وإن جاز بقاء بالتزامه وإنما وجب الخراج عليه فيما إذا جعل داره بستانا وسقاه بماء الخراج لما أن سقيه بماء الخراج التزام منه كما في شروح الهداية مع أن المذهب وجوب العشر مطلقا دون الخراج وهو الأظهر كما في غاية البيان لما ذكر ولو قيل بعوده لم يجز لأن الساقط لا يعود وليس هو من باب زوال المانع لأن المقتضى لم يبق موجودا وهو الالتزام حقيقة أو حكما ا هـ‏.‏ ملخصا ثم قال تلك الرسالة‏.‏ فإن قلت إن الأراضي التي للزراعة لا تخلو عن مؤنة أما الخراج أو العشر وقد حكمت بسقوط الخراج فينبغي أن يجب العشر قلت نعم ينبغي وجوبه كما صرح به في البدائع وغيرها وصرحوا في الأصول بأن العشر يجب في مال الوقف وصرح في خزانة الفقه من كتاب الوقف بأن المتولي إذا دفع أرض الوقف مزارعة جاز عند الصالحين وكان العشر على أرباب الوقف فيما كان لهم وإن كان الأرباب مساكين انتهت وكذا صرح بوجوب العشر الخصاف وغيره وإنما لم أجزم به في الأراضي المصرية الموقوفة لأني لم أر نقلا في وجوبه إذا كانت الأرض مشتراة من بيت المال ا هـ‏.‏

‏(‏قوله كما خرج عن القياس مكة المشرفة إلخ‏)‏ فيه أنها شرفها الله تعالى من جزيرة العرب وقد أطلقوا أنها عشرية قاله بعض الفضلاء

‏(‏قوله فيؤخذ قفيز مما زرع‏)‏ قال في التتارخانية أراد بالقفيز الصاع الذي كان على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا ثمانية أرطال بالعراقي وهو أربعة أمناء وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع أبو يوسف وقال هو خمسة أرطال وثلث رطل وهو صاع أهل المدينة‏.‏

‏(‏قوله ولم يذكر المصنف خراج المقاسمة لظهوره‏)‏ قال الرملي وهو كالموظف مصرفا وكالعشر مأخذا لا فرق فيه بين الرطاب والزرع والكرم والنخل المتصل وغيره فيقسم الجميع على حسب ما تطيق الأرض من النصف أو الثلث أو الربع أو الخمس وقد تقرر أن خراج المقاسمة كالعشر لتعلقه بالخارج ولذا يتكرر ويتكرر الخارج في السنة وإنما يفارقه في المصرف فكل شيء يؤخذ منه العشر أو نصفه يؤخذ منه خراج المقاسمة وتجري الأحكام التي قررت في العشر فيه وفاقا وخلافا ثم بحث أنها لو لم تطق الخمس لقلة الريع وكثرة المؤن ينقص وأنه لو وقع الرضى على دراهم معينة أو على عدد الأشجار ينبغي الجواز ثم نقل عن الكافي ليس للإمام أن يحول الخراج الموظف إلى خراج المقاسمة ا هـ‏.‏ قال وكذلك عكسه فيما يظهر من تعليله لأنه قال لأن فيه نقض العهد وهو حرام فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد‏.‏

‏(‏قوله كذا أفاده في الخلاصة‏)‏ حيث قال فإن كانت الأرض لا تطيق أن يكون الخراج خمسة بأن كان الخارج لا يبلغ عشرة يجوز أن ينقص حتى يصير مثل نصف الخارج ا هـ‏.‏ وفي هذا لا فرق بين الأرضين التي وظف عليها عمر رضي الله تعالى عنه ثم نقص نزلها وضعفت الآن أو غيرها كذا في فتح القدير‏.‏

‏(‏قوله ومنه يعلم أن الدودة والفأرة إلخ‏)‏ قال الرملي ألحق في البزازية الجراد بما لا يمكن دفعه وأنه يسقط بأكله الخراج ولا شك أن الدودة والفأرة في معنى الجراد في عدم إمكان الدفع وبمثل ما في البزازية صرح ملا مسكين وفي النهر بعد أن نقل قوله ومنه يعلم إلخ وأقول‏:‏ في كون الدودة ليست بآفة سماوية نظر ظاهر بل لا ينبغي التردد في كونها سماوية وأنه لا يمكن الاحتراز عنها إلى آخر كلامه وأقول‏:‏ إن كان كثيرا غالبا لا يمكن دفعه بحيلة يجب أن يسقط به وإن أمكن دفعه لا يسقط هذا هو المتعين للصواب‏.‏

‏(‏قوله وقيد بالخراج الموظف لأن كلامه فيه إلخ‏)‏ قال الرملي وكذلك لو هلك الخارج في خراج المقاسمة قبل الحصاد أو بعده فلا شيء عليه لتعلقه بالخارج حقيقة وحكمه حكم الشريك شركة الملك فلا يضمن إلا بالتعدي فاعلم ذلك فإنه مهم ويكثر وقوعه في بلادنا وفي الخانية ما هو صريح في سقوطه بعد الحصاد في حصة رب الأرض ووجوبه عليه في حصة الأكار معللا بأن الأرض في حصته بمنزلة المستأجرة وفي الولوالجية ما يخالفه وما في الخانية أقوى مدركا أوضح وجها فليكن المعول عليه

‏(‏قوله فلو عجز المالك عن الزراعة إلخ‏)‏ قال الرملي ثم لو عادت قدرته استردها الإمام ممن هي في يده وردها على صاحبها إلا في البيع خاصة صرح به في التتارخانية نقلا عن الذخيرة

‏(‏قوله وفي جمع الشهيد باع أرضا خراجية إلخ‏)‏ قال في التتارخانية هذه المسألة على وجهين الأول أن تكون الأرض فارغة والجواب فيه أنه إن بقي من السنة مقدار ما يقدر المشتري على زراعتها قبل دخول السنة الثانية فالخراج على المشتري وإلا فعلى البائع ثم اختلف المشايخ أن المعتبر زرع الحنطة أو الشعير أو أي زرع كان فالفقيه أبو نصر يعتبر أي زرع كان والفقيه أبو القاسم يعتبر زرع الحنطة أو الشعير وكذلك اختلفوا أنه هل يشترط إدراك الريع بكماله‏.‏ وفي واقعات الناطفي الفتوى على أنه مقدر بثلاثة أشهر إن بقيت يجب على المشتري وإلا فعلى البائع وهذا منه اعتبار زرع الدخن وإدراك الريع فإن ريع الدخن يدرك في مثل هذه المدة الوجه الثاني إذا كانت الأرض مزروعة فإن كان الزرع لم يبلغ بعد فباعها مع الزرع فالخراج على المشتري على كل حال وإن كان الزرع قد بلغ وانعقد الحب فإن هذا وما لو باع أرضا فارغة في الحكم سواء وفي نوادر ابن سماعة عن محمد رجل له أرض خراج باعها من رجل ومكثت عند المشتري شهرا ثم باعها المشتري من رجل آخر ومكثت عنده شهرا أيضا ثم يبيع كل مشتر بعد شهر حتى مضت السنة ولم تكن في ملك أحدهم ثلاثة أشهر فليس على واحد خراج وفي المحيط وإن كان للأرض ربعان خريفي وربيعي وسلم أحدهما للبائع والآخر للمشتري وتمكن كل واحد منهما من تحصيل أحد الربعين لنفسه فالخراج عليهما ا هـ‏.‏ ملخصا ونحوه في التجنيس من كتاب الزكاة‏.‏

‏(‏قوله والفتوى على قول أبي يوسف إن كان صاحب الأرض مصرفا له‏)‏ أي خلافا لما في الحاوي القدسي كما سيأتي آخر الفصل الآتي‏.‏

فصل في الجزية

‏(‏قوله فلو حذف الفقير لكان أولى‏)‏ قال في النهر ممنوع إذ لو اقتصر على قوله ومعتمل لما أفاد اشتراط القدرة على العمل في حق الغني وقد قابله به فالتحقيق أن القدرة عليه في وسط الحال والغني معلومة من قوله بعد لا تجب على زمن ا هـ‏.‏ ولا يخفى عليك أن قول المؤلف فلو حذف الفقير أي مما سيأتي في قوله وفقير غير معتمل بأن يقول وغير معتمل فيشمل الغني والفقير فيندفع حينئذ توهم تقييد الفقير فيما مر بالمعتمل وتوهم أن العمل شرط في الفقير فقط وهذا كلام ظاهر وكان صاحب النهر ظن أن المراد حذف المعتمل مما كما يشعر به قوله إذ لو اقتصر على قوله ومعتمل وقوله وقد قابله به وليس كذلك إذ لم يذكر المصنف المعتمل فيما مر

‏(‏قوله وينبغي اعتبارها في أولها‏)‏ قال في النهر إنما اعتبروا وجودها في آخرها لأنه وقت وجوب الأداء ومن ثم قالوا لو كان في أكثر السنة غنيا أخذ منه جزية الأغنياء أو فقيرا أخذت منه جزية الفقر ولو اعتبر الأول لوجب إذا كان في أولها غنيا فقيرا في أكثرها أن يجب جزية الأغنياء وليس كذلك ونعم الأكثر كالكل ا هـ‏.‏ وفي حاشية أبي السعود ما أورده على اعتبار الأول مشترك الإلزام إذ هو وارد أيضا على اعتبار الآخر لاقتضائه وجوب جزية الأغنياء إذا كان غنيا في آخرها فقيرا في أكثرها ا هـ‏.‏ قلت الذي يظهر أن ما نقله في النهر قول آخر ليس مبنيا على اعتبار أول السنة أو آخرها وهو مذكور في التتارخانية عن الخانية ونصه الذمي إذا كان غنيا في بعض السنة فقيرا في البعض قالوا إن كان غنيا في أكثر السنة تؤخذ منه جزية الأغنياء وإن كان على العكس تؤخذ منه جزية الفقراء وإن كان غنيا في النصف فقيرا في النصف تؤخذ منه جزية وسط الحال ا هـ‏.‏ إذ هو شامل لما إذا كانت هذه الصفات في الأول أو الآخر فلا ينبغي إيراد هذا على الفتح ولا على المؤلف نعم ربما يرد على المؤلف ما في الولوالجية وسيأتي من أن الفقير لو أيسر في آخر السنة أخذت منه ومما يؤيد ما قلناه من التوفيق ما في القهستاني عن المحيط يسقط الباقي في جزية السنة إذا صار شيخا كبيرا أو فقيرا أو مريضا نصف أو أكثر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فلأن النبي عليه السلام نشأ بين أظهرهم إلخ‏)‏ قال في النهر كذا قالوا وأنت خبير بأن هذا يأتي في العربي إذا كان كتابيا

‏(‏قوله فهم ليسوا بعربي الأصل‏)‏ قال في النهر فيه نظر إذ الكلام فيمن كان عربي الأصل وقد تهود أو تنصر كورقة بن نوفل ويكفي في رده ما مر في أهل نجران وبني تغلب فتدبره ومراده بما مر كونه عليه السلام صالح أهل نجران وعمر رضي الله تعالى عنه أخذ من بني تغلب وهم نصارى العرب وحاصله أن تعليلهم يشمل العربي الأصل إذا كان كتابيا‏.‏ وقول المؤلف فأهل الكتاب إلخ ممنوع لأنه لا يلزم كونه كتابيا عدم كونه عربيا والجواب أن العربي حيث أطلق انصرف إلى عربي الأصل وهم عبدة الأوثان فهؤلاء لا تؤخذ منهم الجزية أما من صار منهم كتابيا فتؤخذ منه لأنه لا فرق في الكتابي بين كونه عربيا أو عجميا كما مر لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏من الذين أوتوا الكتاب‏}‏ فلم يشمله التعليل السابق لمعارضته للنص ثم رأيت في الشرنبلالية ما نصه وفي العناية وترك القياس في الكتابي العربي بما قدمناه من نص الآية ولولاه لدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لو كان يجري على عربي رق» الحديث ا هـ‏.‏ وتمامه لكان اليوم وإنما الإسلام أو السيف ثم قال قوله أما وثني العرب فلأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نشأ بين أظهرهم هو وإن شمل الكتابي فقد خص بالكتاب كما قدمناه ا هـ

‏(‏قوله على هذا القول‏)‏ أي الذي قدمه عن البناية وقوله ولا استثناء في ظاهر الرواية أنهم يمنعون من الإحداث وإن وقع الصلح عليه قال السرخسي في السير الكبير ولو طلب قوم من أهل الحرب الصلح على شرط أن المسلمين إن اتخذوا مصرا في أرضهم لم يمنعوهم من أن يحدثوا فيه بيعة أو كنيسة لا ينبغي ذلك لأنه أعطاه الدنية في الدين والاستخفاف بالمسلمين فلا يجوز المصير إليه إلا عند تحقق الضرورة فإن أعطاهم الإمام ذلك لا يفي به لأنه مخالف لحكم الشرع ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ينبغي أن لا يهدم إلخ‏)‏ ظاهره أنه بحث له وقد ذكر في الذخيرة ما يفيده أو يصرح به حيث قال في التتارخانية ناقلا عنها وإن اتخذ المسلمون مصرا في أرض موات لا يملكها أحد فإن كان بقرب ذلك المصر قرى لأهل الذمة فعظم المصر حتى ملك القرى وجاوزها فقد صارت من جملة المصر يعني تلك القرى لإحاطة المصر بجوانبها فإن كان لهم في تلك القرى بيع وكنائس قديمة ترك على حاله وإن أرادوا أن يحدثوا في شيء من تلك القرى بيعة أو كنيسة أو بيت نار بعد ما صارت مصرا للمسلمين منعوا من ذلك ا هـ‏.‏ ومثله شرح السير الكبير للسرخسي

‏(‏قوله وبعد ذلك ينظر إلخ‏)‏ قال الرملي فلو لم يعلم واحد منهما ما يفعل والذي يظهر أنه ينظر لما كانوا عليه فيها قديما لأن الظاهر أن الأئمة المتقدمين علموا بذلك فأبقوهم عليه تأمل

‏(‏قوله وفي الخانية الذمي إذا اشترى إلخ‏)‏ قال الرملي حاصله أن المسألة خلافية والذي يجب أن يعول عليه التفضيل فلا نقول بالمنع مطلقا ولا بعدمه مطلقا بل يدور الحكم على القلة والكثرة والضرر والمنفعة وهذا هو الموافق للقواعد الفقهية فتأمل

‏(‏قوله كما أن قول العيني واختياري إلخ‏)‏ قال الرملي عبارة العيني قال الشافعي ينتقض به لأنه ينقض الإيمان فالأمان أولى وبه قال مالك وأحمد واختياري هذا فقوله هذا إشارة إلى النقض لا إلى القتل ولا يلزم من عدم النقض عدم القتل وقوله لا أصل له في الراوية فاسد إذا صرحوا قاطبة بأنه يعزر على ذلك ويؤدب وهو يدل على جواز قتله زجرا لغيره إذ يجوز الترقي في التعزير إلى القتل إذا عظم موجبه‏.‏ ومذهب الشافعي رحمه الله عدم النقض به كمذهبنا على الأصح قال ابن السبكي لا ينبغي أن يفهم من عدم الانتقاض أنه لا يقتل فإن ذلك لا يلزم وقد حقق ذلك الوالد رحمه الله في كتابه السيف المسلول على من سب الرسول وصحح أنه يقتل وإن قلنا بعدم انتقاض العهد ا هـ‏.‏ كلام ابن السبكي فانظر إلى قوله ولا ينبغي أن يفهم من عدم الانتقاض أن لا يقتل وليس في المذهب ما ينفي قتله خصوصا إذا أظهر ما هو الغاية في التمرد وعدم الاكتراث والاستخفاف واستعلى على المسلمين على وجه صار مستمرا عليهم فما بحثه في الفتح في النقض مسلم مخالفته للمذهب وأما ما بحثه في القتل فغير مسلم مخالفته للمذهب تأمل ا هـ‏.‏ قلت وفي شرح المقدسي بعد نقله كلام العيني والفتح ما نصه وهو مما يميل إليه كل مسلم والمتون والشروح خلاف ذلك أقول‏:‏ ولنا أن نؤدب الذمي تعزيرا شديدا بحيث لو مات كان دمه هدار كما عرف أن من مات في تعزير أو حد لا شيء فيه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وكذا وقع لابن الهمام بحث إلخ‏)‏ حيث قال والذي عندي أن سبه عليه الصلاة والسلام أو نسبته ما لا ينبغي إلى الله تعالى إن كان مما لا يعتقدونه كنسبة الولد إلى الله تعالى وتقدس عن ذلك أن أظهره يقتل به وينتقض عهده وإن لم يظهر ولكن عثر عليه وهو يكتمه فلا وتمامه فيه قلت وفي حاشية السيد أبي السعود عن الذخيرة ما يؤيده حيث قال وفي الذخيرة إذا ذكره بسوء يعتقده ويتدين به بأن قال إنه ليس برسول أو قتل اليهود بغير حق أو نسبه إلى الكذب فعند بعض الأئمة لا ينتقض عهده أما إذا ذكره بما لا يعتقده ولا يتدين به كما لو نسبه إلى الزنا أو طعن في نسبه ينتقض ا هـ

‏(‏قوله واستدلاله في المحيط إلخ‏)‏ قلت يجاب عنه بأنه قصد الاستدلال بمفهوم الدلالة كما يشير إليه قوله ولأنه لو فعله المسلم إلخ تأمل‏.‏

‏(‏قوله ولا ينتقض بالقول‏)‏ قال في النهر ويشكل عليه ما قدمناه من أنه لو امتنع من قبول الجزية نقض عهده وليس ذلك إلا بالقول ا هـ

‏(‏قوله حتى تبلغ مائة وعشرين‏)‏ هكذا في النسخ وأريته كذلك في الفتح والعناية والظاهر أن فيه سقطا والأصل مائة وإحدى وعشرين كما يعلم مما قرر في كتاب الزكاة وعبارة غاية البيان إلى عشرين ومائة فإذا زادت شاة ففيها أربع من الغنم

‏(‏قوله ولم أر نقلا صريحا في الإعطاء إلخ‏)‏ قال بعض محشي الدر المختار نقل الشيخ عيسى الصفني في رسالته ما نصه قال أبو يوسف في كتاب الخراج أن من كان مستحقا من بيت المال وفرض له استحقاقه فيه فإنه يفرض لذريته أيضا تبعا له ولا يسقط بموته وقال صاحب الحاوي الفتوى على أنه يفرض لذراري العلماء والفقهاء والمقاتلة ومن كان مستحقا في بيت المال ولا يسقط ما فرض لذراريهم بموتهم ا هـ‏.‏ قلت ولم أر ذلك في الحاوي القدسي فلعله الحاوي الزاهدي وجعل المقدسي إعطاءهم بالأولى قال لشدة احتياجهم سيما إذا كانوا يجتهدون في سلوك طريق آبائهم‏.‏

‏(‏قوله كما ذكره مسكين‏)‏ صوابه العيني فإن عبارة مسكين نصها أي ذراري المقاتلة ونص عبارة العيني الظاهر أن ضمير ذراريهم يرجع إلى الكل لأن التعليل في المقاتلة موجود في الكل ونحوه في شرح القراحصاري كما في حاشية أبي السعود

‏(‏قوله أنه زاد فيه دليل على قدر الكفاية‏)‏ كذا في النسخ والذي رأيته في الحاوي أنه زاد فيه بدون ما بعده من قوله دليل إلخ

‏(‏قوله وفي الحاوي القدسي ما يخالفه‏)‏ قال في النهر ما نقله في الحاوي القدسي مخالف لما نقله العامة عن أبي يوسف ا هـ‏.‏ وقال الرملي الظاهر أن في عبارة الحاوي سقطا وأصلها لا يحل وإن كان أهلا لصرف الخراج إليه عند أبي يوسف يحل له إلخ وذلك لأن النقول متظاهرة على تقييده بالأهل